إعداد: محمود محسن، (وام)
يبدأ سموّ الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، اليوم الثلاثاء، زيارة رسمية إلى دولة قطر الشقيقة، يلتقي خلالها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر الشقيقة، وعدداً من المسؤولين القطريين.
وتأتي هذه الزيارة انطلاقاً من العلاقات الأخوية التي تربط البلدين وشعبيهما الشقيقين، وتعزيزاً للتعاون المشترك في المجالات المختلفة.
تعكس العلاقة الإماراتية القطرية مدى الروابط العميقة والمتينة التي تجمع بين البلدين، وكل دول الخليج العربي، كونها قائمة على أسس من الأخوة والتاريخ المشترك، والثقافة والعادات والتقاليد المتشابهة.
ويمتد التواصل بين شعبي الإمارات وقطر عبر قرون من الزمن، حيث تشارك البلدان في تراث ثقافي متقارب، إضافة للقيم الاجتماعية والدينية التي تعزز الروابط المجتمعية بين الشعبين، وتعود العلاقات بين الدولتين الشقيقتين إلى مرحلة ما قبل تأسيس الدول الحديثة في منطقة الخليج، حين كانت المجتمعات تعيش في وحدة وتعاون لمواجهة تحديات البيئة والظروف الصعبة، ويظهر جل ذلك بعد استقلال الدولتين، حيث عملت قيادتا البلدين على توطيد العلاقات والتعاون في مختلف المجالات، وذلك ضمن إطار مجلس التعاون لدول الخليج العربية، الذي يُعتبر ركيزة مهمة لتعزيز العمل الخليجي المشترك.
استقرار ونمو
وعلى مدى عدة عقود، تشاركت الدولتان في العديد من المجالات الاقتصادية والثقافية والسياسية، والمشروعات التنموية والمبادرات الإقليمية التي تهدف إلى تحقيق النمو والاستقرار بالمنطقة، ما شكل رغبة قوية لديهما في تعزيز التكامل الاقتصادي والتعاون الأمني، والعمل معاً لمواجهة التحديات المشتركة التي تواجه الخليج، مثل الأمن الإقليمي والاقتصاد والتغيرات الاجتماعية.
أما على الصعيد الشعبي، فيشترك مواطنو الدولتين في الاحتفاء بالتراث والتقاليد، وتجمعهم العديد من الفعاليات الثقافية والاجتماعية، ما جعل الروابط الأخوية بين الشعبين الشقيقين جزءاً أصيلاً من نسيجهما الاجتماعي.
احترام متبادل
لم تكن العلاقات بين الإمارات وقطر مجرد تعاون بين دولتين جارتين، بل هي انعكاس لروابط الدم والتاريخ والمصير المشترك الذي يربط دول الخليج، وهي علاقة تعمل على تهيئة البيئة المناسبة لمستقبل أكثر إشراقاً لكلا الشعبين، وتظل الإمارات وقطر مثالاً حياً لأهمية الوحدة الخليجية في وجه التحديات الإقليمية والدولية، وتبني الروابط الأخوية كركيزة لتحقيق التقدم والازدهار، ويبرز الالتزام بالمضي قدماً في طريق التعاون المستدام، بما يخدم مصلحة الشعبين ويعزز من مكانة منطقة الخليج ككل على الساحة الدولية.
ترابط ثقافي
تجمع الدولتين الشقيقتين روابط ثقافية تعد جزءاً مهماً من الترابط بين شعبيهما، حيث تمتاز بالعُمق والتاريخ الممتد الذي يعكس التقارب بين العادات والتقاليد، ويعد الجانب الثقافي جسراً يربط بين الشعبين، حيث تظل الثقافة واحدة من أهم العوامل التي تسهم في بناء الهوية المشتركة وتعزيز الوحدة الاجتماعية، ويجمع الإمارات وقطر تراث ثقافي مشترك.
ومن أبرز أوجه التشابه الثقافي بينهما الإرث البدوي، مثل الشعر النبطي والأدب الشعبي، والفنون التقليدية كالأهازيج والأغاني الشعبية التي تُغنى في مناسبات مثل الأعراس والأعياد الوطنية، تُظهر هذه الفنون مدى التشابه في التاريخ الاجتماعي والثقافي بين البلدين.
ويشارك كلاهما بشكل متكرر في الفعاليات الثقافية الخليجية والدولية، وتشكل الأنشطة الثقافية المشتركة جزءاً مهماً من تعزيز العلاقات بين البلدين، إذ تعد الفنون والمسرح من مجالات التعاون الثقافي بين البلدين، حيث يجري استضافة الفرق المسرحية والفنية القطرية في الفعاليات الثقافية الإماراتية والعكس صحيح، ليعزز هذا التبادل الثقافي الوعي الفني لدى الجمهور في كلا البلدين ويبرز المواهب المشتركة.
اقتصاد مزدهر
تشهد العلاقات الاقتصادية الإماراتية القطرية ازدهاراً ونمواً ملحوظاً، حيث تسعى رؤى الدولتين لتعزيز التبادل الاقتصادي والتجاري بين البلدين.
وسجل حجم التجارة بينهما خلال النصف الأول من عام 2023 ما يصل إلى 20.2 مليار درهم بنمو 46% مقارنة بالمدة نفسها من عام 2022، بينما تجاوزت التجارة الخارجية غير النفطية خلال عام 2022 ما قيمته 31 مليار درهم بزيادة تبلغ 122% مقارنة بعام 2021.
وتعد الإمارات أهم شركاء قطر الاستراتيجيين خلال عام 2022، فيما تسجل قطر تجارة مشتركة مع الدول العربية، بلغت نسبة 53% منها مع دولة الإمارات، وفي حال استثناء النفط من تجارة قطر الخارجية، فإن الإمارات تأتي في المرتبة الرابعة عالمياً، بينما تأتي قطر في المرتبة ال15 عالمياً، ضمن أهم شركاء الإمارات التجاريين خلال 2022.
تعاون رياضي
يمثل التعاون الرياضي بين الإمارات وقطر عاملاً مهماً في تعزيز العلاقات الثنائية، حيث وظفت الرياضة كوسيلة للتقارب وإظهار روح الوحدة بين الشعبين، هذا التعاون يُبرز الإمكانات الكبيرة لكلا البلدين في تنظيم الفعاليات الرياضية ودعم الحركة الرياضية في المنطقة بشكل عام.
وشهد التعاون الرياضي بين البلدين تطورات ملموسة في عدة مجالات، من استضافة الأحداث الرياضية الكبرى إلى التعاون بين الأندية والمنتخبات الوطنية، حيث تشتركان في استضافة وتنظيم العديد من الفعاليات والبطولات الرياضية التي تشمل مجموعة متنوعة من الألعاب، وقدمت الإمارات دعماً لوجستياً مهماً خلال تنظيم قطر كأس العالم لكرة القدم عام 2022، بتوفير المرافق والخدمات لجماهير البطولة والفرق المشاركة.
وكان لهذا التعاون أثر كبير في تعزيز التكامل بين البلدين فيما يتعلق باستضافة الأحداث الرياضية الكبرى، وفي ظل التحسن المستمر للعلاقات الثنائية، من المتوقع زيادة التعاون في مجالات مثل تدريب المدربين وتطوير المواهب الرياضية بين البلدين.
وتسعى الاتحادات الرياضية في البلدين لإقامة برامج ومشاريع تطويرية تهدف إلى رفع مستوى الأداء الرياضي وإعداد الرياضيين للمنافسات الدولية، سواء في الألعاب الفردية أو الجماعية.
0 تعليق